فيما يتعلق بمنح المرأة حقوقها، فقد بدأ مجتمعنا يشهد تطوراً أفضل في هذا المجال بفضل بروز الحركة الإصلاحية والانفتاح منذ تولي الملك عبدالله - حفظه الله - مقاليد الحكم.
وقيادة السيارة هي حق مشروع لكل امرأة سعودية، أدركت أهميته الكثير من النساء السعوديات فبدأن بالمطالبة به، لاسيما بعد ظهور الدعم والمساندة من قبل عضو مجلس الشورى (محمد الزلفى).
حول هذه القضية قمت برصد آراء عدد من المهتمين..
تقول (نورة العثمان)- سيدة أعمال-: " قيادة السيارة باتت ضرورة ملحة للمرأة السعودية التي أصبحت اليوم تعمل في وظائف تتطلب الاعتماد على نفسها في التنقل بالسيارة من مكان إلى آخر، كسيدة الأعمال والصحفية ومندوبة التسويق.. وغيرهن، و مطالبة عضو مجلس الشورى بقيادة السيارة للمرأة السعودية جعلها تشعر بكثير من الأمان والأمل في حدوث تغييرات إيجابية في المستقبل".
وأضافت قائلة:
" فيما مضى كنا نحلم بقيادة السيارة، ولكننا لم نكن نجرؤ على المطالبة بذلك حتى ناقش مجلس الشورى القضية بالإضافة إلى قضايا أخرى كحق المرأة السعودية في التصويت وإعطاءها فرص العمل في بعض الأماكن".
وتقول (ياسمين)- 23 عاماً- طالبة سعودية تدرس في إحدى الجامعات بمملكة البحرين-: "عدم السماح بقيادة المرأة للسيارة في مجتمعنا لا يعني بأن جميع النساء هنا لا يستطعن قيادة السيارة، فهناك الكثير من النساء السعوديات اللائي تعلمن قيادة السيارة من قبل الزوج أو الأب أو الأخ أو في مدرسة لتعليم القيادة خارج المملكة تحسباً لحالات الطوارئ، وأنا واحدة منهن، فقد تعلمت قيادة السيارة في الدولة التي أدرس بها حالياً".
وفيما يتعلق بقيادة المرأة السعودية للسيارة في مملكة البحرين، فقد أظهرت دراسة صادرة عن قسم المرور في البحرين، أنه تم منح 107,1 رخصة قيادة بحرينية لنساء سعوديات. وأظهرت الدراسة أن النساء السعوديات ملتزمات بقوانين المرور في الدولة وأنه حتى الآن لم يتم تسجيل أي انتهاكات مرور من قبلهن.
وكان لي اتصال بالمدير العام للإدارة العامة للمرور في البحرين- العقيد (حسن الصميم)- الذي أكد ما ذكرته تلك الدراسة، قائلاً:
"على الرغم من العدد الكبير للسائقات السعوديات في مملكة البحرين، لم تسجل حتى الآن أي مخالفة لضوابط وأنظمة المرور من قبل سائقة سعودية".
محاولة عقيمة للسماح بقيادة المرأة السعودية
خرجت 47 امرأة سعودية للاحتجاج على منع قيادة المرأة السعودية للسيارة، على طريقتهن الخاصة في أحد شوارع مدينة الرياض عام 1990، حيث قادت كل واحدة منهن سيارة ولوحدها دون مرافقة محرم وسرن بشكل جماعي. ولكن ذلك الاحتجاج كان محاولة فاشلة، فقد انتهى بسرعة شديدة على أيدي رجال الشرطة!
وتقول (ريم الصالح)- موظفة في أرامكو- : "أتفق مع وزير الثقافة والإعلام السعودي عندما قال أن عدم السماح بقيادة المرأة للسيارة في مجتمعنا لا يعني أنه لا يمكن باستطاعتها الحصول على رخصة قيادة للسيارة، وأن المنع سببه في الغالب رفض أغلبية أفراد المجتمع وليس الدولة، وكذلك أتفق مع ما أوضحته د."سهيلة حماد"- عضوة المجلس التنفيذي بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية- والتي قالت في لقاء أجري معها بأن المسئولين في مجتمعنا يمنعون قيادة المرأة للسيارة احتراماً لتصورات الشعب وأيضاً بسبب سوء الفهم الديني، حيث أنه لا يوجد في الإسلام ما يحرم ذلك".
وأضافت (ريم) أن الضجة التي تحدثها الصحف المحلية بين الفينة والأخرى حول قضية قيادة المرأة للسيارة قد تدفع أي امرأة للتجربة في الخفاء، إذ أن كل ممنوع مرغوب. وذكرت مثالاً على ما تقول، موقفاً حدث مع إحدى قريباتها التي قررت تجربة قدرتها في قيادة السيارة داخل أحد المجمعات السكنية بالخبر، حيث يتسم بالخصوصية والحرية لأن معظم سكانه من الأجانب، ولكن قيادتها للسيارة انتهت بحادث ارتطام بأحد أعمدة الإنارة بالمجمع!
ويعود سبب عدم تقبل الكثير من السعوديين لفكرة قيادة المرأة للسيارة إلى عدة أسباب منها:
· أن المرأة مكانها الطبيعي في البيت، وسط زوجها وأولادها ومطالبها منفذة في العادة من قبل ولي أمرها الرجل لذا فهي ليست بحاجة إلى قيادة السيارة.
· السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة سيتطلب إنشاء مدارس إضافية لتعليم قيادة السيارة للنساء وأقسام مرور نسائية.
· أيضاً فإن شوارعنا قد تغيرت مع زيادة عدد السكان من المواطنين والمقيمين فأضحت تعاني من الضيق والاختناقات المرورية خاصة في المدن الكبرى، وقيادة النساء ستزيد من الوضع سوءاً بازدياد عدد المركبات والازدحام.
· إذا تمكنت المرأة السعودية من قيادة السيارة في مجتمعنا فقد تتعرض لمواقف صعبة كأن تتعطل سيارتها في طريق مقطوع، مما يعرضها لخطر الاختطاف من قبل المارة من ضعاف النفوس.
· يخشى البعض من المتدينين أن يؤدي السماح بقيادة المرأة السعودية للسيارة إلى كشف وجهها ونزعها الحجاب شيئاً فشيئاً.
ويؤيد جميع تلك الأسباب (أبو فيصل)- موظف حكومي وأب- ويعلق على أحدها قائلاً:
"لن تكون المرأة السعودية بأمان إذا قادت سيارتها بمفردها، فقد تواجه مجرماً في طريقها يستطيع إخراجها من سيارتها بسهولة خاصة إذا كانت تسير في مكان مظلم وشبه خالٍ من السيارات، أو إذا كانت تسير في ساعة متأخرة من الليل".
وتابع قائلاً: " أقول هذا لأن إحدى الفتيات تعرضت للاختطاف مؤخراً بعد أن كانت عائدة من حفل زفاف في وقت يقارب الفجر، حيث تم إيقاف سائقها بالقوة من قبل مجموعة من الشباب المتسكع.. لقد استطاعوا أن يوقفوا رجلاً فكيف بامرأة؟؟."
أخيراً.. رغم المعارضة الشديدة من قبل الكثير من أفراد مجتمعنا، لا زال هناك أمل كبير في داخل كل امرأة سعودية ترغب بقيادة السيارة لأنها ترى فيها شيئاً من الاستقلالية والاعتماد على النفس بغض النظر عن جوانبها السلبية.
نشر في: صحيفة (شمس) يناير 2006
No comments:
Post a Comment