May 23, 2008

تشات الشباب الخليجي.. تسول وإثارة وانتقام ونزعات عدوانية

تنفرد العديد من مواقع التشات الخليجية ببعض الظواهر المؤسفة التي تجعلها على درجة من التدني والإسفاف قياساً بمثيلاتها الأجنبية.
إن نظرة على هذه المواقع عبر أكثر من رحلة تصفح قادتني إلى هذا الرأي، وسأقدم هنا بعض الأمثلة لما شاهدته عبر هذه المواقع وأبدأها بهذا التسول العلني والكريه! في أحد مواقع الدردشة المحلية, وجدت اسم (سدد فاتورتي ولك الأجر العظيم)!.. كان الاسم لفتاة رأيتها تتوسل الموجودين بالنك نيم الخاص بها في الصفحة العامة بموقع الدردشة في محاولة بائسة لجمع مبلغ معين من المال، وتكشف هذه الطريقة ضياع الكرامة من أجل حفنة من الريالات!!.. يذكر أن مثل هذه النوعية من الأسماء تحفز بعض الشباب من ذوي العقول المريضة على استغلال نقاط ضعف بعض الفتيات الساذجات, بتسديد الفواتير أو أي حاجة أخرى، مقابل شيء ما أغلى بكثير!..
أيضاً فقد أصبح البعض من مواقع الدردشة الخليجية أشبه بنوادٍ ليلية لنشر الممنوعات ووسائل اللهو غير البريء, فما أن يسدل الليل ستاره, حتى يبدأ الكثير من الشباب من الجنسين بدخول هذه المواقع لإرضاء النزوات, كالبحث عن الصور والأفلام الإباحية وتبادلها فيما بينهم, حتى أصبحنا نرى أسماء منتشرة بشكل مخيف في غرف الدردشة تلك مثل: (فلان للصور والأفلام والقصص) أو (سلم واستلم!).. وهناك من الأسماء المخزية الشيء الكثير مثل (مكتبة أفلام وصور متنقلة)! وهناك من هواة جمع مواد الفسق والفجور من تصل مجموعته إلى 500 فيلم و أكثر.. وآلاف الصور!!.. جاهلاً أو متجاهلاً أنه سيحمل إثم كل من يشاهد ما يقوم هو بنشره في الموقع!..
كذلك بدلاً من أن تكون مواقع الدردشة للحوار الراقي وتبادل المعلومات المفيدة وثقافات المجتمعات الأخرى, نجد أنها تحولت منذ فترة طويلة إلى مواقع للحروب الشرسة بين الفتيات الخليجيات ومواطنيهن من الشباب, وتبدأ المعركة الكلامية عادة بذم الفتاة الخليجية ومقارنتها بالفتيات من جنسيات عربية, بالبعض من الأمور، والمؤسف أن يحدث ذلك أمام فئة من الأخوة العرب المتواجدين في الموقع, الأمر الذي يدفعهم إلى الضحك والفرجة المجانية على مسرحية أبطالها أبناء جنسية واحدة!.. حيث يثار سخط الفتيات الخليجيات في الموقع, فيبدأن بالدفاع عن أنفسهن ومن ثم شتم الفتيات العربيات فيتدخل الشباب من الجنسية العربية وتزداد المعركة حدة!!.. ولا يهدأ الوضع إلا بدخول أحد المراقبين الذي يبدأ في طرد المتشابكين بالألسن أو بالأصح الكيبورد! واحداً تلو الآخر، وهكذا أصبحت بعض غرف الدردشة ساحات للقتال بدلاً من أن تكون للنقاش والنقاش الهادف!؟.. ومقارنة بمواقع الدردشة العالمية نجد أننا نستخدم التكنولوجيا بشكل خاطئ ومؤلم.
كما بات من الطبيعي أن تجد في غرف الدردشة من ينشر رقم إحدى الفتيات واسمها بالكامل وسيرتها الذاتية أمام الملأ ووصفها وصفاً كاملاً, أو نشر روابط لصور فتيات تم تحميلها على الإنترنت من أجل تشويه سمعتهن وتدمير مستقبلهن.
وتقع الفتيات في كثير من الأحيان ضحايا لصديقاتهن اللاتي ينشرن صورهن أو تسجيلات فيديو لهن حال حصول خلاف!..
وهناك من الفتيات من يجهلن أن قراصنة الإنترنت (الهكرز) منتشرون بشكل فظيع في مواقع الدردشة, لأجل اصطياد أكبر عدد ممكن من الفتيات الغافلات, ممن يحتفظن بصورهن الشخصية على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهن, فيقوم الـ(الهكر) الذي تتحدث معه الفتاة بحسن نية في أحد مواقع الدردشة باختراق جهازها وهي لا تعلم, وسرقة ما يشاء من الصور والمستندات الخاصة, وقد يستطيع الوصول إليها وتكوين علاقة معها عبر تهديدها بنشر صورها والتشهير بها!..
وبالرغم من تطور التكنولوجيا التي تطور معها الإنسان في العصر الحديث, إلا أن مجتمعنا مازال يعاني من تخلف فئة معينة, فمهما تعلم هؤلاء ومهما أجادوا استخدام التكنولوجيا, تبقى عقولهم متحجرة وتعود لعصر الجاهلية الأولى!.. فهناك من يدخل إحدى غرف الدردشة ليسخر من قبيلة معينة ويتفاخر بقبيلته بأنها الأفضل, وهناك من تدور معظم أحاديثهم عن الأصل والنسب وكأنه لا توجد مواضيع تستحق الاهتمام والمناقشة أكثر من هذا الموضوع الذي لم يعد بذات الأهمية بعد ظهور فجر الإسلام. بالإضافة إلى أننا الآن نعيش زمناً مختلفاً ، أصبح التميز فيه لذوي العلم والثقافة والتميز بأي مجال آخر بعيداً عن اسم العائلة.

ما ذكرته آنفاً هو غيض من فيض في مواقع الدردشة, وللعلم فإن أكثر من ينشر الفساد في تلك الغرف الخاصة بالدردشة, كبار في السن وراشدون، بل ومتزوجون أيضاً! وليسوا مراهقين كما يظن البعض, وهدف هؤلاء هو التغرير بصغار السن واستغلال عدم خبرتهم ومعلوماتهم المحدودة.
وأتساءل هنا, أين دور مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من بعض هذه المواقع المشبوهة, التي ازدادت مؤخراً بشكل لافت ومثير للقلق؟!.. وأذكر بأنني أرسلت لهم ما يقارب العشر مرات بخصوص أحد هذه المواقع وأشهرها في احتضان هذه الظواهر المؤسفة ولكن... لا حياة لمن تنادي!!
نشر في: جريدة (اليـوم) يوليو 2005

No comments:

Post a Comment