Aug 13, 2008

اعتراف طالبة مشاغبة
مزح من العيار الثقيل يوصل الطالبات إلى المستشفى


هذه صفحة من مذكراتي.. هي إحدى مغامراتي المدرسية من أيام المراهقة التي عشتها بتمرد ولكنها عدت بسلام ولله الحمد!
تبدأ أحداث حكايتي حينما كنت لا أزال طالبة في الخامسة عشرة من عمري، كنت آنذاك شخصية ذات شعبية كبيرة في المدرسة حتى جمعت من حولي هالة من الصديقات، ولكنني لم أكن أشعر بمتعة الرفقة والصداقة الحقيقية إلا مع صديقة استمرت صداقتي بها لسنوات، فكنا أشبه بتوأمين لتشابهنا في الطباع ومنها الشقاوة ومرحنا الذي يصل لحد الإزعاج أحياناً، وهواياتنا المفضلة التي لطالما مارسناها في كل مكان داخل وخارج المدرسة، وإحداها –وهي الأكثر متعة- كانت صنع وتدبير المقالب للآخرين!
ما زلت أذكر ذلك الصباح الذي كان الروتين المثير للضجر يسيطر على حصصه وأجوائه، فأحببت بحسن نية أن أضفي شيئاً من المرح، فأخرجت من حقيبتي تلك المادة الخبيثة التي اشتريتها من أحد المحلات المتخصصة في أدوات الخدع والمقالب، وعرضتها على صديقتي الحميمة (شوشو) ولمحت في عينيها نظرة شريرة وحماس متقد!!
وبعد انتهاء الحصص الثلاث الأولى؛ رن جرس الفسحة لنخرج أنا وصديقتي إلى الساحة حيث التجمعات والشلل، وهناك أخذت أنا و(شوشو) نرمي من تلك المادة على الطالبات اللاتي نعرفهن واللاتي لا تربطنا بهن أي علاقة وعلى وجوههن علامات الاستغراب!؟، وهي عبارة عن بودرة مسببة للحكة... وانتظرنا أن يبدأ مفعولها إذ أن المادة تتطلب دقائق ليظهر أثرها على الشخص المصاب والذي لا يزول إلا بعد الاستحمام كما أخبرني البائع في محل الخدع، وكم كنا تواقتين لرؤية تلك الأعداد الهائلة من الطالبات وهن يهرشن أجسادهن معاً في وقت واحد.... كنا نظن بأنه سيكون مشهداً ممتعاً لتوقعنا أننا سنضحك كثيراً، ولكن المقلب انقلب ضدنا في النهاية بعد أن أخطأنا في طريقة استعمال البودرة، حينما أفرطنا في تفريغ محتوياتها على رؤوس الطالبات وأطرافهن، والمفروض أن تكون الرشة صغيرة بحجم يقل عن ملعقة الشاي!
وبدأت رحلة العذاب، بعد أن أصيبت إحدى الطالبات بإغماء والأخرى بنوبات إعياء متكررة بسبب الحساسية والربو الذي تعاني منه، وأخريات بشرتهن لم تتحمل كل هذه الحكة حتى شوهت الجروح أعناقهن وأياديهن!
وقد هز ذلك المقلب أرجاء المدرسة عندما تطورت المشكلة لتصل إلى تدخل أولياء الأمور ورفع الشكاوى والتهديدات لصاحب المدرسة، وكان من ضمنهم والد إحدى أضعف (الضحايا) من الطالبات، وهو رجل بدوي شديد وصعب التفاهم معه أقسم أنه سيأخذ حقه بنفسه إن حدث لابنته مكروه، وكانت ابنته كثيرة التردد على المستشفيات بعد ما أصابها.
أما باقي الفتيات المصابات فلم يكن حالهن أفضل من زميلتهم تلك، فقد كن يذهبن إلى المستشفى من أجل أخذ حقنة يومياً مع بداية الحصة الرابعة حيث كانت (تأتيهن الحالة) حسب التوقيت الذي رميناهن فيه بتلك البودرة اللعينة!
وكنا نضطر أنا و(شوشو) للذهاب معهن أيضاً بطلب من الأطباء، حتى حفظنا أنا ورفيقتي المشتركة معي في (الجريمة) موعد حضور تلك الإدارية التي كانت تطلبنا من المعلمة كل يوم؛ لنخرج قبل حضورها بدقائق!
وفي كل مرة كنا ندخل فيها إلى المستشفى يحاصرنا الأطباء بأسئلة تكاد لا تنتهي عن تلك البودرة حتى يقوموا بتحليل مكوناتها ليتعرفوا على المواد المضادة لها فيستطيعون إيجاد العلاج المناسب.....أراد الأطباء وضع حد لحيرتهم أمام حالة الحمى والغثيان وتحسس الجلد الغريب معاً، فما كان بأيدينا أنا و(شوشو) إلا البحث في كل الأسواق عن تلك المادة بعد أن اختفت من المحلات بشكل مفاجئ! وقيل بأنها منعت من البيع! ليكتمل سوء النحس ونعجز عن مواجهة تهديدات الإدارة في المدرسة وتحقيقات الأطباء في المستشفى وتوبيخ أهلينا في البيت!!
وجدنا نفسينا في ورطة وأخذت كل واحدة تلوم الأخرى، فهي تلومني على فكرتي الجهنمية بينما كنت ألومها على رميها لمغلف البودرة الورقي في "التواليت"- تكرمون- بعد انتهائنا من المقلب المشؤوم، فلو كنا قد احتفظنا على الأقل بالمغلف لكان شاهداً على حسن نوايانا، بتلك الصورة التي يحملها والتي يظهر فيها رجل يهرش جسده بقوة!


ولكي نثبت لجميع من أساء الظن بنا أن تلك البودرة ليست إلا لعبة بريئة وليس كما أشيع في المدرسة، أنها نوع من أنواع المخدرات!!
نعم، تم اتهامنا قبل التحقق من ماهية البودرة، واسودت الدنيا في عيني تلك الأيام حينما أحاطت بنا الشبهات والهمسات من الطالبات، ونظرات الشك التي لا تخلو من الاحتقار في عيون البعض من المعلمات اللاتي لم يتقبلن حضوري أنا بالذات لحصصهن!
ولكن ولله الحمد انتهت معاناتنا وخرجنا من ذلك المأزق بأعجوبة، إذ كتب الله الشفاء لضحايا بودرة (العفريت) كما هو اسمها في السوق، ولا بارك الله في (العفريت) الذي اخترعها!
الجدير بالذكر والظريف في الموضوع هو انتشار إشاعة أخرى في المدرسة ذلك الحين، مفادها أن الطالبات (الضحايا) هن في الحقيقة مصابات بالجرب فكان البعض يخشى الاحتكاك بهن!
وفي نهاية العام الدراسي وحينما كنت أودع صديقات الدراسة أقبلت إحدى المصابات لتطبع قبلة الوداع رغم كل الذي فعلته بها هي وغيرها!
وعندما صافحتها لفت انتباهي تلك آثار شقاوتي على تلك البشرة الناعمة، فطلبت منها أن تغفر لي ذلك المقلب وأن تجعل من تلك الآثار ذكرى لمدرستنا التي جمعتنا، والتي رغم أنني عانيت فيها الظلم والاضطهاد بعض الشيء إلا أنني تخرجت منها وزميلاتي ومعلماتي يطالبنني بعدم القطيعة والنسيان، فقد سامحني الكل لأنني إنسانة طيبة وتشفع لي خفة ظلي على حد قولهن!
أخيراً......ذهبت قبل فترة لأتفقد ذلك المحل وأرى ما جديدهم بدافع الفضول وحب الاستطلاع لا أكثر ولا أقل، وعرض علي البائع نوعاً جديداً من المقالب اسمه (بودرة العطس) فخرجت على الفور من المحل قبل أن تستيقظ بداخلي الأفكار الشيطانية وتحركني شقاوتي من جديد!

نشر في جريدة (اليـوم) سبتمبر 2000

Aug 11, 2008

مواطنون يشيرون لموضع الألم في وزارة الصحة :
خدمات بعض المستشفيات "تعل" المرضى والأصحاء


بما أن الدولة ممثلة في قيادتنا الرشيدة قد أولت جانب الاهتمام بالصحة والرعاية الطبية جل اهتمامها ورصدت لها الميزانيات الكبيرة واهتمت ببناء المستشفيات والمراكز الصحية في كل مدينة ومحافظة وهجرة ، وجعلت الاهتمام بإنسان المملكة من أولويات الخطط الاستراتيجية التنموية. فكان لزاماً على وزارة الصحة أن تحقق الأهداف السامية والخطط القويمة نحو توفير العلاج الشامل لكل مواطن . غير أن هنالك بعض أوجه القصور في الوزارة من حيث الخدمات الصحية والطبية المقدمة والكادر العامل والعلاج اللازم .
أخذت جولة في عدد من المرافق الصحية واستطلعت شريحة من المرضى والمواطنين في محاولة مني لإبراز النقص الذي تعاني منه بعض تلك المرافق ... فكانت هذه الحصيلة التي أضعها على طاولة وزير الصحة للنظر فيها بعين التحسين والتطوير والمحاسبة... ونبدأ بمآسي الأسنان.. والتقيت بـ(أم سعد) التي تحدثت إلي بانزعاج تام قائلة:
" أخذت أتردد على مركز الأسنان بالدمام لمدة سنة تقريباً، وفي كل مرة أذهب فيها أعود بلا فائدة. كان عندي جسر أسنان قديم، وكنت أتألم منه، فذهبت لأحد المستوصفات الحكومية، وطلبت تحويلي لمركز الأسنان، فطلبوا مني في البداية الانتظار للحصول علي رقم ثم أخذوا مني رقم هاتفي ووعدوني بالاتصال إذا ظهر رقمي.. واتصلوا بي بعد سنة!
بقيت طيلة تلك الفترة أعاني من الألم لأن حالتي المادية لم تكن تسمح لي بالذهاب لمستشفى خاص، وبعد اتصالهم بي ذهبت للكشف على أسناني عند أحد الأطباء الوافدين فقال لي تعالي بعد أسابيع، وذهبت لهم مرة أخرى، وقابلت طبيباً آخر كشف على أسناني، ثم حولني على قسم الأشعة، ثم قال لي راجعينا بعد فترة. وعندما عدت إليهم على الموعد، أخذوا يماطلون، فدخلت على المدير من شدة القهر وقلت له أنا لا أريد شيئاً أكثر من خلع الجسر وتخليصي من الألم. فقال المدير بكل برود أنا ليس لي كلمة عليهم، ما يقوله الأطباء هو الصحيح، فخاب ظني. واضطررت من شدة الوجع أن أذهب لأحد المستوصفات الخاصة للأسنان وأخذوا مني مبلغ 7000 ريال.. هذا بعد الخصم !- والله أعلم كيف جمعت هذا المبلغ- ولكن النتيجة مريحة جداً فقد انتهت المشكلة خلال أسبوع، وحسبي الله على مركز الأسنان الذي أخرني سنة ونصف"!!
والتقيت بـ (منى) والتي حدثتني قائلة: "ذهبت إلى مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر (التعليمي)، وكنت مبتهجة لأن موعدي أتى أخيراً بعد سنوات لتركيب تقويم لأسناني، وتم تركيب التقويم الثابت لمدة سنة و7 شهور وطلب مني العودة لخلعه بعد هذه المدة، مع العلم بأن أسناني لم تكن متساوية تماماً، فقلت لا بأس، سأخلعه لأضع المتحرك فربما تتحسن أسناني فهو الطبيب وهو يفهم أكثر مني. ولكنه لم يحدد لي موعداً لأجل تركيب التقويم المتحرك، فذهبت من نفسي فقالوا لي بأنه سافر!؟.. وجلست فترة طويلة لعدة أشهر بدون تقويم متحرك مما أدى إلى رجوع أسناني لما كانت عليه مسبقاً، وذهبت السنة والـ7 أشهر التي تحملت فيها الألم وفقدان الشهية للأكل خسارة بلا أية فائدة! ولكنني لم أيأس وعدت إليه بعد أن علمت بعودته من بلده وعندما واجهته ألقى باللوم علي قائلاً أنه يفترض بي أن آتي بدون موعد!.. ثم قال لي انتظري حتى نتصل بك.. ولم يتصل بي حتى الآن! ومرت سنة على مشكلتي هذه، فلجأت إلى مركز الأسنان، فقالوا لي بكل برود انتظري ومن الممكن أن يكون موعدك بعد 3 سنوات على الأقل!! فما كان إلا أن ذهبت إلى مستوصف خاص للأسنان ودفعت مبلغاً فوق قدرتي ولكن بالتقسيط، والحمد لله فقد بدأت أسناني في التحسن". وأضافت: "المضحك والمبكي معاً ما حدثتني به إحدى الصديقات والتي أخبرتني أن العلاج في المركز يتطلب الواسطة فهي تعرف إحدى الطبيبات هناك والتي أدخلتها دون عناء الانتظار.. فأين العدل؟؟!".
وتحكي (نورة) قصتها مع إحدى عيادات الأسنان الحكومية قائلة : "ذهبت إلى إحدى العيادات بأحد المستوصفات الحكومية، وبعد طول انتظار، فوجئت بطريقة ذلك الطبيب من الجنسية العربية في العلاج، كان عنيفاً جداً معي رغم أنني جئت إليه وأنا أتألم من التسوس الذي وصل إلى العصب، مما زاد ألمي لدرجة أنني ذرفت الدموع من شدة الوجع. ولكنه كان عصبياً جداً معي مردداً: "بلاش دلع بنات"!!
ولا أبالغ إن قلت أنني كدت أموت أثناء محاولته نزع العصب بأداة حديدية حادة وبطريقة بدائية. فكانت ردة فعلي قوية، إذ قفزت لا شعورياً من مكاني مما سبب لي جرحاً في جدار فمي فقمت من مكاني قبل أن ينتهي الطبيب من عمله ونفذت بجلدي قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه! وخرجت من ذلك المستوصف وأنا أنزف وألمي أشد من السابق!!.. وبعد أيام ذهبت إلى مستوصف خاص وهناك لاحظت الفرق الكبير، ابتداء من قلة ساعات الانتظار ومعاملة الطبيب الراقية وانتهاء بوسائل العلاج الحديثة حيث أمات الطبيب العصب بحقنة خاصة لم أشعر بها!". وتقول (أم سيف) :"تعرضنا لحادث سيارة عنيف، وكانت إصابتي بسيطة، أما الوالدة فقد كسرت ذراعها وكانت تتألم كثيراً، وتأخرت سيارة الإسعاف، لتأتي بعد ساعة.. أو حوالي ساعة ونصف الساعة تقريباً. وحاول رجال الإسعاف مساعدتها ولكن وضع الوالدة كان صعباً حيث كانت عالقة في المقعد الخلفي بالسيارة ولم تكن قادرة على الحركة تماماً. فدخل أحدهم إلى السيارة لتثبيت ذراعها المكسورة، ولكن لم يكن لديه مقص لقص جزء من الكم حيث كانت ترتدي بلوزة بكم طويل.
وليس المقص الذي يعد من الأساسيات البسيطة فحسب، بل كان هناك الكثير من الأدوات الغير متوفرة. وقد رأيت ذلك بنفسي، حيث كانت سيارة الإسعاف فارغة تماماً. والمفروض أن تحتوي سيارة الإسعاف على جميع وسائل الإسعاف، فهناك حالات مختلفة تتطلب العديد من أدوات الإسعاف".
والتقيت بـ(خديجة إبراهيم) وكانت جالسة في قسم طوارئ مستشفى الدمام المركزي لأجل الاطمئنان على جارتها والتي أصيبت بإغمائة سكر، تقول: "لاحظت استهتاراً من الممرضات، فقد طلبن منها المغادرة ومراجعة المستشفى في وقت آخر، رغم أن أذنها ملتهبة وأعصابها متعبة ورغم أنها شبه فاقدة للوعي، وهذه حالة خاصة ومستعجلة يجب ألا تتأخر معالجتها، فحاولت معهن ونومت أخيراً ولكن لم تستدع الممرضات أي أخصائي بحجة انشغال بعض الأطباء، فلماذا وضع قسم الطوارئ إذاً؟.. يجب أن تهتم الممرضة بجميع الحالات، وأن تبلغ الطبيب حتى لو كان مشغولاً لأن ذلك يدخل في صميم واجبه وهو المسئول". وأشارت إلى أنه ليس الجميع بقادر على الذهاب لمستشفى خاص، فلماذا لا يقدّر هؤلاء ظروف الآخرين؟! وتتفق معها في رأيها إحدى السيدات الجالسات في الانتظار، قائلة: "نعم، لا يوجد اهتمام من قبل الممرضات ومعاملتهن للمراجعات جافة، وكذلك هو الحال مع موظفي الاستقبال، الذين لا يقدرون ظروف البعض من المراجعين، فعلى سبيل المثال يقول أحدهم لامرأة كبيرة في السن ومريضة، غير قادرة على الحركة أن تأتي بنفسها لاستلام رقمها الخاص، والتعامل بعصبية مع المراجعين".. وأضافت: "وزارة الصحة قدمت الكثير ولكن الإهمال من العاملين فيها".
أما (فاطمة العيسى) فتشكو من عدم التنسيق في الأقسام والعيادات في بعض المستشفيات الحكومية، كما تشكو التأخير، قائلة: " أتيت ذات مرة والسكر مرتفع لدي إلى أكثر من 400 ويفترض أن يعالجوني أنا أولاً حتى لو أتيت بعد عدد من المراجعات، فحالتي لا تحتمل الانتظار.. إن التأخير خطر جداً فقد يزداد ارتفاع السكر وتزداد الحالة سوءاً".

وأوضحت (مريم) أن مستشفياتنا الحكومية جيدة ولا بأس بها وكذلك الأطباء، ولكن العيب من بعض العاملين فيها، وتخص بالذكر الممرضات الأجنبيات، قائلة: "الكثير منهن معاملتهن سيئة ومستهترات.
يقال أن الممرضات ملائكة الرحمة، فهن أقرب إلى المريض من الطبيب.. ولكني أرى العكس هنا... إنهن مهملات ولا يحترمن مهنتهن".
وتساءلت (دانة): " لماذا عندما نذهب لكثير من المستشفيات الحكومية، نجد فيها نسبة من العاملين الأجانب بما فيهم الأطباء والممرضات وموظفو الاستقبال، علماً بأن هناك الكثير من السعوديين الذين يرغبون في إثبات وجودهم وكفاءتهم من الأطباء وغيرهم من الكوادر، وأعتقد أن معاملتهم أفضل من معاملة الأجنبي."
وأشارت إحدى المراجعات التي التقيت بها في مستوصف حكومي إلى أنه لا توجد فائدة من مراجعة المستوصفات الحكومية فكل حالة علاجها الآتي: مضاد حيوي + مسكن للحرارة والألم! وإذا استلزم الأمر حقنة أو شيء آخر فعليك شرائه من الصيدلية، فهناك أدوية وحقن غير متوفرة في المستوصفات".
نشر في جريدة (اليـوم) يونيو 2004

May 25, 2008

متسولون يبحثون عن الثراء عند إشارات المرور!

مستغلين المكان والطقس
متسولون يبحثون عن الثراء عند إشارات المرور!


تراهم عند المحلات التجارية، أفخم المطاعم، أمام المساجد وقرب أجهزة الصرف الآلي، وأغلبهم حول الإشارات المرورية.. وأحياناً لا مانع لديهم من زيارة بيتك!
إنهم المتسولون الذين ازدادت أعدادهم خلال البضع سنوات الأخيرة، مع أننا نعيش في واحدة من أغنى بقاع العالم!
في كل مكان نسير فيه أضحينا نرى أيادٍ ممدودة هنا وهناك، وكلمات استعطاف وتضرع رغبة في أقل القليل.
ويوجد من ليس بحاجة إلى المال فهو مقتدر ولكنه يمارس التسول بدافع الطمع واستغلال الآخرين.
سأركز في تحقيقي على هؤلاء.. المقتدرين الجشعين.

قمت بجولة في الأماكن التي يفضلها المتسولون في مهمتهم اليومية التي أصبحت ظاهرة جديدة تزداد يوماً بعد يوم في مجتمعنا،
فكانت هذه المشاهد...
في البداية رأيت طفلة سمراء البشرة ترتدي ملابس جيدة ولكنها ممزقة.. ويبدو لي أنها ممزقة بتعمد!
سألتني المال فسألتها؛ أين أهلك عنك؟! أين أمك؟ فأجابت: "أمي تترزق الله عند الإشارة"!
وبعد ابتعادي عن المنطقة الاستراتيجية التي تحتلها الإبنة وهي بوابة مجمع تجاري في الخبر، وجدت امرأة عند الإشارة تتسول بصورة مكررة وهي تحمل طفلاً رضيعاً في عز الرطوبة.. سألتها؛ يا أختي ما ذنب هذا الطفل الرضيع؟ وما ذنب تلك الإبنة التي تركتيها لوحدها في الشارع حتى يعانيا في طفولتهما؟!.. ولكنها لم ترد علي!
امرأة أخرى تضع في حضنها أيضاً طفلاً رضيعاً يبدو عليه التعب، رأيتها لأكثر من مرة أمام أحد المطاعم الشهيرة في الخبر، وبعد أن آلمني مظهر الطفل الذي كان يتنفس بصعوبة بسبب ارتفاع حرارة الجو والرطوبة والجوع والعطش، ذهبت إليها وطلبت منها أن تعود إلى بيتها وإلا فسوف أتصل بالمسؤولين! وابتعدت على أمل أن يؤثر فيها كلامي فترحم طفلها وتعود به إلى البيت، ولكنني عدت بعد أيام ورأيتها بالمصادفة في نفس المكان ولا يزال طفلها في حضنها مرمياً كجثة هامدة!!
مشهد آخر أراه يومياً وفي كل الأوقات، أطفال ومراهقون يجوبون الشوارع ويقفون في كثير من الأحيان عند أية إشارة، يبيعون معطرات للسيارة ويحملون أيضاً علب مناديل ورقية.. قد يشتري منهم البعض، وقد يعطيهم البعض الآخر المال دون أن يأخذ منهم شيئاً رأفة بحالهم، وما هذا المشهد إلا تسول، ولكن بطريقة غير مباشرة، كما أنه مجازفة بأرواحهم نظراً لخطورة ما يقومون به من المشي من شارع لآخر والتنقل بين السيارات الواقفة أمام الإشارة.
وبعيداً عما أراه بعيني في كل مرة أخرج فيها.. إليكم هذه المواقف الطريفة التي حدثت مع البعض ممن استطلعت آرائهم في هذه الظاهرة...
تقول (ن)- موظفة-:
(( توفي شخص عزيز علي ووجدت نفسي أنغمس في أعمال الخير لأتصدق عنه.. وفي أحد الأيام كنت أتجول بأحد المجمعات الكبرى، وتقدمت إلي امرأة يبدو أنها في أواخر الثلاثينات من عمرها، وأخذت تتوسل إلي وتسترحمني قائلة أن لديها ابنة مريضة وتحتاج إلى أدوية ولا تريد مني سوى 50 ريالاً فقط، ففرحت لأنني وجدت مسكيناً أساعده وأعطيتها 100 ريال، أي ضعف ما أرادت، فلم تشكر وإنما طمعت! قائلة: "طيب، زيديني 100 وخلاص!"... وهنا انعقد لساني فابتعدت عنها وأنا أنظر إلي صديقتي التي كانت تسير معي وكلي ذهول مما رأيت!
بعدها أعطتني صديقتي محاضرة منها؛ ليس كل من يمد يده محتاج، ولا تكوني (على نياتك!)، ولكن إن كنت ترغبين في التصدق فلا تعطي أمثال تلك المرأة أكثر من 10 ريال!)).

أما (أمل)- طالبة جامعية - فقالت:
"كنت أتسوق في أحد المراكز التجارية واقتربت مني امرأة ترجوني أن أعطيها 20 ريال لأنها صائمة ولم تفطر بعد وليس معها نقود، فلم أتردد في إخراج محفظتي لأعطيها.. ولكن شاء الله أن يكشف حقيقتها أمامي لاحقاً، إذ وجدتها بالصدفة بعد ساعة تتبضع من أحد أشهر محلات الشوكولاته والمعروف بارتفاع أسعاره!!، فوجدت نفسي واقفة أمام المحل وأحدق فيها بينما بدا عليها الإحراج من افتضاح أمرها!"
وتضيف:
"لا أعرف لماذا يتذلل البعض من الناس ويهدرون كرامتهم ولديهم القدرة!!؟.. ربما يكون السبب البخل أو قد يكون مرض نفسي يستلزم العلاج، ولكنها في النهاية عادة خسيسة ومدعاة لغضب الله، فويل لمن يسأل الناس وهو مقتدر".

وتحكي (ريم)- موظفة- عن موقف حدث لها أثناء جلوسها مع صديقاتها في أحد الكافيهات الشهيرة بالخبر:
" كنت أحتسي القهوة أنا واثنتان من صديقاتي في ذلك المقهى، ودخلت امرأة لتتسول بكل جرأة أمام العاملين في المقهى والذين يبدو أنهم لم ينتبهوا لما تفعل.. كانت تسير بالقرب من كل طاولة وتمد يدها لكل عائلة متواجدة، وكلما يأست من أحد اتجهت إلى غيره.. وأقبلت علينا ومدت يدها إلينا وهي تتوسل وتدعو، ولكنني لم أعطيها ريالاً واحداً حتى! فلم يكن مظهرها يوحي بأنها امرأة محتاجة، فهي ما شاء الله ممتلئة من العافية، وعبائتها يبدو أنها جديدة ومكوية ومن أفضل ما يكون!
وكان يوجد بالقرب منا شلة بنات واضحة عليهن آثار النعمة فاتجهت إليهن تلك المتسولة بعد أن يأست منا، وظننت أنا وصديقاتي بأنهن لن يعطينها شيئاً ولكنني فوجئت بكل واحدة منهن تخرج كمية من الريالات من محفظتها وتضعها في يدها فشعرت بالحنق وكدت أن أقوم لا شعورياً لأوبخ الفتيات على سذاجتهن وتشجيعهن لها"!!


ويقول (علي)- موظف-:
"لاحظت انتشار هذه الظاهرة وقد أثارت بداخلي الكثير من الشجون والألم، فهي تشوه صورة منطقتنا العامرة بالثروات والخير.
وبالنسبة لي فقد حدثت معي مواقف عديدة مع هؤلاء المحتالين كغيري من الناس، ويبدو أن التسول بالإغراء موضة جديدة في عالم المتسولات فقد استوقفتني فتاة بأحد المجمعات التجارية لتتسول مني وهي بكامل زينتها، بالعبائة المزركشة والعينين المليئتين بالمكياج من وراء البرقع، وبصوت متغنج ظناً منها بأنها ستحصل على ما تريد بالإغراء، ولكنني طلبت منها أن تولـّي بعيداً فـ"هالحركات ما تمشي علي"!!
وأنهى حديثه إلي متسائلاً عن دور مكتب مكافحة التسول في القضاء على هذه الظاهرة المتفشية!؟

وأنا بدوري كان لي اتصال بمدير مكتب مكافحة التسول بالدمام، الأستاذ ( بشير اللويش) والذي أفاد في معرض حديثه بهذا الصدد بأن هناك حملات ميدانية مكثفة لمكافحة هذه الظاهرة السيئة والدخيلة على مجتمعنا على مدار الساعة من قبل شرطة المنطقة الشرقية والدوريات الأمنية ومكتب مكافحة التسول بالدمام، شملت الأسواق والمحلات التجارية والإشارات المرورية والمساجد وقد أسفرت عن القبض على العديد من المتسولين والمتسولات والذين أغلبهم من الأجانب ومخالفي نظام الإقامة حيث بلغ إجمالي المقبوض عليهم خلال شهر رمضان المبارك 134 متسول ومتسولة.
مشيراً إلى الدور البارز الذي يقوم به المواطن حيال التصدي لهذه الظاهرة وعدم تحقيق مأرب المتسولين والتعاطف معهم بعدما اتضح لهم أن أولئك المتسولين ليسوا في حاجة وأنهم بعملهم هذا يسيئون إلى سمعة الوطن والمواطن.
وأشاد اللويش بالتعاون اللامحدود الذي يقدمه المواطن والمقيم على حد سواء للتصدي لهذه الظاهرة وذلك من خلال البلاغات التي ترد المكتب على مدار الساعة.
وحث اللويش المواطنين وأصحاب الخير بأهمية توجيه تبرعاتهم وصدقاتهم وزكاتهم إلى الجمعيات الخيرية المختصة، حيث أنها هي الجهات التي تتلمس حاجات المحتاجين وإيصال تلك التبرعات والزكوات إلى مستحقيها بناءً على بحوث اجتماعية دقيقة تعد من قبل المسئولين بتلك الجمعيات.
وثمّن اللويش دور الجهات الأمنية ممثلة بقوة المهمات الخاصة بشرطة المنطقة الشرقية في القبض على المتسولين على مدار الساعة مما كان لها الأثر الفعال في الحد من هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا.

خبر "يؤدب" مستشفى بالأحساء!


بعد نشر قصة منصور
الصحة تباشر التحقيق وتعاقب المتسبب



إلى سعادة رئيس التحرير نشكركم على التفاعل الذي قدمتموه عبر جريدتكم بنشر معاناة أخينا منصور أحمد آل ساري في عدد يوم الأربعاء 5/5/1425هـ عما جرى له في أحد المستشفيات الحكومية الكبيرة في محافظة الأحساء حيث تم استدعاء الأخ منصور من قبل قسم الرقابة الطبية بوزارة الصحة وتم أخذ أقواله وتم إحضار ثلاثة من الشهود على أن المستشفى لم يتجاوب مع حالة المريض رغم خطورتها.
كما أننا نشكر من خلالكم المسئولين في وزارة الصحة حيث إننا لم نكن نتوقع أن هذا الخبر الصغير سيرجع الحق إلى أصحابه ويشعل الضمائر الحية في وزارة الصحة فقد عانينا من قلة الاهتمام، ونتقدم بالشكر لمحررتكم التي نقلت الخبر الأخت غادة الودعاني.
ونفيدكم بأن وزارة الصحة باشرت التحقيق في نفس اليوم الذي نشر فيه الخبر.
عن أسرة آل ساري،،، حسن اليامي
نشر في صفحة (عزيزي رئيس التحرير) بجريدة (اليـوم) 3 أغسطس 2004

وجدان البريئة.. قتلها أعداء الحياة بدم بارد

* قصاصة من التقرير
ما الفرق بين (محمد الدرة) في فلسطين.. و(وجدان) في الرياض؟.. لا فرق.. الأول مات شهيداً على يد جنود الاحتلال.. والثانية ماتت شهيدة أيضاً ولكن على يد أعداء الحياة.

الأول مات في حضن أبيه أمام أنظار العالم.. والثانية ماتت وهي تلعب بحماماتها.. بريئة طاهرة.. لا تعرف من دنس الدنيا شيئاً.. الأول مات ونحن والعالم نعرف لماذا.. أما وجدان فجميعنا نصرخ.. بأي ذنب قتلت؟

خفافيش الظلام قتلت طفولتها البريئة.. وأدوا حلمها في أن تكون طبيبة ـ عندما تكبر ـ وتضمد جراح البشر بيديها وتداويها..خفافيش الظلام لم يرحموا أماً ثكلى ستظل يبكي قلبها طوال العمر على فلذة كبدها التي راحت في غمضة عين.. وبدم بارد!

شياطين الإنس لم يعرفوا أن (وجدان) صاحبة أطيب قلب تلعب في الفناء الخلفي بمنزلها وقت الانفجار.. لم يعرفوا أنهم سيقتلون وردة طاهرة.. وسيأججون النار في قلوبنا عليهم جميعاً وأننا سنظل نلعنهم على أفعالهم حتى يوم الدين.

تحت أي دعاوى تقتل طفلة هكذا؟؟.. تحت أي شعارات؟!.. لقد أسقطت (وجدان) القناع الزائف الذي يرتديه القتلة.. وشاء القدر أن تكون دماؤها الطاهرة المسمار الأخير في نعوش هؤلاء المرتزقة ومن يواليهم!.. إنهم أعداء البشرية.. أعداء الحياة.. أعداء البشر والشجر والحجر.. ماتت قلوبهم وتحجرت.. يتمسحون باسم الدين.. والدين منهم براء!

إن دم وجدان في أعناقنا جميعاً.. في أعناق الشرفاء في هذا الوطن.. ولا يجب أن يروح هدراً.. بل يجب أن يكون بداية حقيقية لاقتلاع هؤلاء الكفرة الملاعين.

ترددت كثيراًَ قبل الاتصال بأسرة الطفلة الشهيدة (وجدان) ـ 12 سنة ـ والتي قتلها الإرهاب الأسود في انفجار مبنى إدارة المرور بالرياض... في الحقيقة كنت أتوقع ردة فعل غاضبة من أهلها منا نحن معشر الصحفيين الباحثين عن الحقيقة دائماً.. ولكنني فوجئت بترحيبهم.

دخلت البيت.. شرد تفكيري للحظات.. تذكرت (وجدان).. كانت تلعب هنا.. ربما سقطت هناك.. كانت تملأ البيت شقاوة.. الآن البيت صامت.. تذكرت أن البيت تهدم.. وأن هذا بيت جديد!

في البداية قال الأب المكلوم: "لم أكن أعلم أن ابنتي محبوبة هكذا.. أتلقى يومياً مئات الاتصالات للعزاء.. منها اتصال من زميل دراسة انقطعت صلتي به منذ 12 سنة، واتصل ليواسيني.. ما أطيب شعبنا.. وما أسوأ ما يحدث باسمه من فئة ضالة خرجت عن الآداب والأعراف والتقاليد.. كيف يخرج من بين هذا الشعب.. يد تقتل وعين تحسد.. وقلب يحقد ويكره كل هذه الكراهية?!"

يقول والد (وجدان) أنه ليس مهموماً بل سعيداً لأنها توفيت شهيدة بإذن الله.. وأضاف: "نعم، هناك القليل من الألم بداخلي فأنا والدها ويجب أن أتألم لفراقها ولكنني مرتاح لأن خاتمتها طيبة بإذنه تعالى".

ثم جاءت اللحظة التي كنت أخشاها.. تحدثت إلى أم (وجدان) ولحسن الحظ اكتشفت كم هي قوية الإيمان.. وكم هي فخورة بابنتها الراحلة.

كم هذا الشعب مؤمن حقاً.. وما يحدث باسم الدين من تفجيرات وعنف وقتل ودمار، إن هي إلا دعاوى باطلة مبطلة.. الدين أشرف وأعلى من أن يتمسح به القتلة الفجرة..أترك لكم حديث أم وجدان كما سمعته منها شخصياً دون حذف أي كلمة أو إضافة مني، تقول: "سأذكر لكم تفاصيل آخر يوم في حياتها.. نهضت في الصباح وتوضأت وصلت ثم رتبت شعرها ولم تتناول إفطارها، فأعطيتها وجبة للفسحة، وذهبت إلى مدرستها، مدرسة (الأبناء)، ثم رجعت كالمعتاد في الساعة الواحدة إلا عشر دقائق بعد الظهر.. غيرت ملابسها وصلت الظهر.. والحمد لله فقد كانت ابنتي ملتزمة منذ نعومة أظافرها، كانت تصلي وتصوم تطوعاً، كما كانت حسنة الخلق مع الجميع". وتابعت حديثها لتصل إلى تفاصيل الحادث المؤلم فقالت بصوت مجروح: "عندما وقع الانفجار كنا جميعنا موجودين في داخل البيت، وكانت شقيقات (وجدان) (أفنان) ـ 14 سنة ـ و(سمية ) ـ 16 سنة ـ نائمتين بعد عودتهما من المدرسة، عدا (وجدان) التي كانت تلعب في فناء البيت مباشرةً بعد تناولها غداءها المفضل (الإندومي) وكانت تتسلى بمشاهدة الحمام الذي اشتراه شقيقها الأكبر، من أجل أخوته خصوصاً الأخ الأصغر.. ولم تأخذ وقتاً طويلاً.. لم تأخذ حتى 5 دقائق، ثم حدث الانفجار وتوفيت في الحال متأثرة بإصاباتها".

وتحدثت عن سلوك (وجدان) الغريب قبل رحيلها بأيام قليلة، قائلة: "كانت ابنتي تشعر بدنو أجلها.. أذكر أنها كانت تكلم إحدى صديقاتها عن الموت! وبعدها حدثتني بإحساس غريب ينتابها، كانت تقول: "أحس أن الموت قريب مني.. فقلت لها: كيف؟، فأجابت: لا أعلم؟!.. أحس بضيقة في صدري.. أشعر بأن نهايتي قريبة. فنظرت إليها بخوف وشعرت بالقلق ولكنني بينت لها العكس وطمأنتها قائلة أن ما فيها مجرد تعب لأنها كانت مريضة وغابت عن المدرسة. وبعدها بأيام صدق إحساس (وجدان).. وماتت".

وحول شعور أشقائها بعد رحيلها بهذا الشكل، قالت بحزن: "إن حالتهم النفسية سيئة جداً لدرجة أنهم لم يذهبوا إلى المدرسة.. وأيضاً لأن البيت الذي كانوا يعيشون فيه معاً دمر من هول الانفجار ولم يعد صالحاً للعيش.

لم يتبق منه شيء.. لا نوافذ.. لا أبواب.. والأرضية مليئة بالزجاج المهشم.. أما المطبخ فقد انهد بأكمله!! وكذلك سياراتنا تحطمت كلياً، ولم يعد لدينا سيارة واحدة.. وحالياً نعيش في مكان آخر في منطقة تبعد عن بيتنا الأول بعشر دقائق".

وسألتها عن طموحات (وجدان).. كيف كانت؟ وهل كانت لديها أمنيات عاشت لأجل تحقيقها؟ فأجابت: "لم يكن لديها طموحات فيما يتعلق بالدراسة.. كانت تؤدي الواجبات على أكمل وجه وتذاكر ولكنها كانت تكره المدرسة ولا تحب الدراسة، وكانت تفضل اللعب والعناية بأشقائها.. إلا أنها كانت تود أن تصبح طبيبة لتعالج المرضى وتقدم لهم الدواء. وكانت تقول لي لا أريد الذهاب الى المدرسة، أريد البقاء معك في البيت لأساعدك في تربية إخواني.

في الواقع، هي أكثر واحدة من بناتي كنت أعتمد عليها، حتى أكثر من أختها الكبيرة.. كنت أأتمن عليها إخوانها في حال خروجي من البيت، وكنت أثق فيها كثيراً.. لقد كانت حنونة جداً معهم، وهي بطبيعتها حنونة مع الجميع ومرحة وبريئة جداً. والآن الكل يفتقدها ومنهم صديقاتي فقد دخلت قلوبهن، لأنها كانت تحب الجلوس معهن وكانت تهتم بأطفالهن. وكذلك فقد افتقدتها الزميلات والمعلمات بل والمدرسة بأكملها. وأذكر أن عدداً كبيراً من الطالبات من زميلاتها أتين لتقديم التعازي ومواساتنا بعد الحادثة مع أمهاتهن والمعلمات، أكثر من 20 معلمة، وكذلك المديرة ومعها جميع المشرفات.. والله ما قصروا..

وقد كانت (وجدان) موضوع الإذاعة المدرسية يوم السبت بعد الحادثة، وعلمنا أن عدداً من زميلاتها رفضن الدخول إلى الصف بعد ذلك وكن يبكين كثيراً متأثرات برحيلها".

وتعود للحديث عن أشقاء الراحلة قائلة: "أشقاؤها ما زالوا متعبين نفسياً للغاية.. ابنتي (أفنان) أصبحت قلقة جداً و(روان) ـ 10 سنوات ـ التي تعرضت لإصابة بسيطة في رجلها جراء الحادث، أصبحت تكره تلك البطانية التي كانت تخص (وجدان) وتقول: أبعدوا عني هذه البطانية.. إنها تخيفني!!.. فهي تخاف من استرجاع الذكريات المؤلمة...أبنائي مرعوبون ويكادون لا يصدقون ما حدث.. أصبحوا خائفين من الخروج من البيت.. حتى ابني (نادر) ـ 23 سنة ـ أصبح يخشى الخروج خشية حدوث انفجار آخر.. وقال لي مرة أنه تألم كثيراً عندما مر بالقرب من بيتنا الأول.. وأشعر بمدى ألمه لأنه كان متواجداً لحظة الحادث، ورأى شقيقته في حالة يرثى لها.. وهو من حملها إلى المستشفى لاحقاً".

و.. تكمل قائلة وهي تغالب دموعها: "أردت القاء النظرة الأخيرة على غاليتي (وجدان).. لا أعرف لماذا.. فقط أردت ذلك.. فحضرت غسيلها مع المغسلات.. وشعرت براحة نفسية لأني رأيتها لآخر مرة واطمأننت عليها.. كان وجهها وجسمها مليئين بالنور.. وهذا ما زادني راحة وطمأنينة".

واختتمت حديثها إلي قائلة: "الحمد لله الذي منّ علي بنعمة الإيمان، فأنا مؤمنة بالقضاء والقدر خيره وشره، والله كتب لها الموت وهذا واقع يجب تقبله".

أخيراً، تحاول والدة (وجدان) جاهدة هذه الأيام لتغيير حال أبنائها، بإقناعهم بمواصلة حياتهم كما كانت وأن يتخلصوا من الذكرى المحزنة. وقررت أن تأخذهم هي والوالد لأداء العمرة قريباً جداً حتى تتحسن حالتهم النفسية.

دعواتي لتلك الأم القوية الصابرة وذلك الأب المؤمن الطيب وجميع من يعز (وجدان) بمزيد من الصبر والسلوان.
نشر في: جريدة (اليـوم)- الصفحة الأخيرة، أبريل 2004 وحصلت يومها على رسالة شكر من رئيس التحرير الأستاذ (محمد الوعيل) على هذا التقرير

May 24, 2008

الشرقية تتصدر القائمة في عدد المدخنات!



ازداد عدد المدخنات الشابات في العالم واللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 20 و34 عاماً، ليصل إلى رقم خيالي مقارنة بالعام الماضي، ما أقلق منظمة الصحة العالمية.
وفيما يتعلق بالمدخنات السعوديات، فقد أجمع وزراء الصحة على أن أغلبيتهن من المنطقة الشرقية، إذ شكلن 45% من نسبة المدخنات في المملكة.
وأرجع الخبراء والأطباء أسباب انتشار التدخين بين السعوديات إلى انتشار مقاهي الشيشة التي تخصص أقساماً للسيدات، واعتقاد البعض منهن بأن التدخين يزيد من جاذبية المرأة.
وتحتل المملكة المرتبة الرابعة على قائمة مستوردي السجائر في الوقت الحالي.
نشر في: مجلة (رؤى) أبريل 2006

حوار مع المخرجة السعودية (هيفاء المنصور)


قالت أنها راسلت المخرج (يوسف شاهين) ولم يعرها اهتماماً.. المخرجة (هيفاء المنصور):
كل شخص أجنبي أقابله تتغير نظرته السلبية للمرأة السعودية!


(هيفاء المنصور) شابة سعودية طموحة من المنطقة الشرقية، عشقت السينما والكاميرا منذ صغرها، وحلمت بأن تدخل عالم الفن الذي سحرها، فقرأت كثيراً عن محبوبتها السينما لتعيش حلمها الذي لم تكن تعلم بأنه سيتحقق يوماً ما.. لتصبح مخرجة أفلام ناجحة بشهادة عدد من النقاد وذواقة الفن...التقيت بها فكان هذا الحوار:
- متى وكيف بدأت ممارسة فن الإخراج؟
منذ صغري وأنا أهوى السينما وكنت أحب القراءة عن هذا الفن، ومع نهاية عام 2002 بدأت أفكر بشكل جدي في معشوقتي السينما، وأخطط لأن أدخل عالمها الجميل، فكانت هناك محاولات عديدة، إذ راسلت عدداً من المخرجين مثل (يوسف شاهين) ولكن لم يعرني أحد منهم أي اهتمام! فتعرفت على مجموعة من مخرجين مستقلين بمصر، والمتخصصين في إخراج الأفلام القصيرة، وكنت أحضر الملتقى الذي يتقابلون فيه دائماً لمناقشة أمور الإعلام، واستفدت منهم كثيراً، حيث تعلمت منهم أموراً كثيرة تتعلق بالسينما كالأفلام القصيرة، وعندما علموا برغبتي الشديدة في أن أكون مخرجة سينمائية نصحوني بمشاهدة الأفلام القصيرة والتعلم منها أولاً ثم البدء بالأفلام الكبيرة، وبعد أن تعلمت منهم ما هي الأفلام القصيرة، بدأت في تعلم كيفية كتابة سيناريو الفيلم وأشياء أخرى مهمة في فن الإخراج.
- وكيف وجدت طريقك إلى هؤلاء المخرجين؟
بحكم دراستي الجامعية في القاهرة فقد كان لدي علاقات هناك، ومعارفي هم الذي أرشدوني إليهم.
- بصراحة (هيفاء)، هل دخولك لمجال الإخراج السينمائي كان بسبب رغبة صادقة في العمل في هذا الفن، أم أن الدافع هو تحقيق الشهرة وإثارة البلبلة لأنه شيء غير متوقع من فتاة سعودية؟
لا والله، أنا لا أقصد أبداً لفت الأنظار، كل ما في الأمر أنني أعشق الإخراج وكثيراً ما تمنيت أن أكون مخرجة، ثم إنني لم أتوقع أنني سأحدث ضجة!
- والآن ما مدى سعادتك بعد أن أصبحت مخرجة ناجحة ومعروفة نظراً للكثير من الأخبار التي تناقلتها الصحف المحلية والعالمية عنك، خاصة الغربية؟
النجاح والشهرة من أهم العناصر لتفوق المخرج وهما السببان الرئيسيان في حب الآخرين للتعامل معه.
- كيف كانت ردة فعل أهلك لرغبتك العمل في هذا المجال الفني؟.. هل وافقوا أم كانت هناك صعوبة في إقناعهم كما هو الحال مع بعض الفنانات الخليجيات؟
لا على العكس، أهلي كانوا فرحين ومتحمسين لرغبتي ولاقيت منهم كل الدعم والتشجيع، فأنا من عائلة يتمتع أفرادها بعقلية متفتحة ويحترم كل منا الآخر، هذا وقد مثل شقيقي الذي يصغرني بسنتين في فيلمي (من) و(الرحيل المر)، أما شقيقي الأكبر فقد ساعدني في كتابة سيناريو فيلم (أنا والآخر).
إن وجود الأهل حولي وموافقتهم يشعرني بالأمان والثقة في مواجهة العالم وعمل أي شيء.
- وما رأي الأهل في تلك الانتقادات التي تتعرضين لها باستمرار؟
لم يفاجئوا على الإطلاق، لأنهم كانوا متوقعين ذلك.
- وما ردك على الذين وصفوك بأنك تسيئين لقيم وعادات المجتمع السعودي؟
ضحكت ساخرة ثم أجابت:
كيف أسيء لقيم المجتمع!؟ فأنا لم أقدم أعمالاً مسيئة بل على العكس، قمت بعمل أفلام تمثل مجتمعنا السعودي المسلم بشكل جميل، وفي فيلم (أنا والآخر) قدمت صورة مشرفة عن أخلاق المسلم، وكيف يحترم اتجاهات وتفكير الآخرين.
- درست الأدب الإنجليزي، وكذلك إدارة الأعمال، فكيف استفدت من دراستك في هذا المجال؟
قد تكون دراستي للأدب هي ما ساعدني في الحبكة الدرامية، وأيضاً لتقديم أي فيلم يجب أن يكون المخرج مثقفاً، وبدراسة الأدب نتثقف ببعض المعلومات المهمة ويصبح لدينا حس وعمق في التعاطي مع الواقع، ويعطيك بعد فلسفي أكبر.. إن دراسة الأدب بشكل عام تثري.
- أبديت إعجابك بأفلام مخرجات عربيات، ونحن نود أن نعرف رأيك الصريح في المخرجة (إيناس الدغيدي) وما تقدمه من أعمال جريئة جداً ويرى الكثيرون أنها تخدش الحياء وتسيء للمجتمع العربي المحافظ
تضحك ثم تقول: "إيناس الدغيدي مشاغبة أوي!"... وتضيف:
هي اتخذت لنفسها طريقة معينة وكل مخرج له الحق في أن يتخذ طريقة وأسلوباً خاصاً به، وعلى الرغم من أنها تتعمد تقديم لقطات مخلة وإباحية إلا أن أفلامها تناقش ظواهر حقيقية وتعالج قضايا مهمة، وخير مثال على ذلك فيلمها: "عفواً أرفض هذا الطلاق"، والذي ركز على قضية حقوق المرأة.
برأيي أرى أن (إيناس الدغيدي) مخرجة مبدعة ولها تاريخ ولكنها تخطئ في استفزاز المشاهد العربي بالمشاهد الساخنة والتي أراها غير ضرورية في الفيلم.. باختصار هي مخرجة لها وعليها!
- وما رأيك في الأفلام العربية للجيل الجديد؟
أفلام الجيل الجديد مثل (اللمبي) وغيره نظيفة عكس أفلام (إيناس الدغيدي) ولكنها لا تناقش قضايا تهم المجتمع، هي مجرد أفلام للضحك والترفيه عن النفس وتهريج للاستهلاك السريع!
- ما رأيك في المسلسل السعودي الشهير (طاش ما طاش)؟
إنه مسلسل ناجح لأنه ملتصق جداً بالواقع، وانعكاس حقيقي لحياة المجتمع، ومع أنه أثار الانتقادات بسخريته من بعض فئات المجتمع إلا أن ذلك لم يتسبب بفشله، فما زال ناجحاً، والدليل على ذلك أن له متابعين من جميع الدول العربية، وأنا أتمنى أن أحقق شعبية (طاش ما طاش) في أحد أعمالي.
- وما رأيك بالمسلسلات الخليجية؟
الكثير من المسلسلات الخليجية وخاصة الكويتية فاشلة لأنها لا تمت للواقع بصلة، بل هي رغبة في استعراض الملابس المبهرجة والبيوت الفخمة ومشاهد أخرى مبالغ بها، فليس كل الخليجيون أثرياء ولديهم قصور وسيارات فارهة! وليست كل الخليجيات "يكشخن" في بيوتهن ويضعن المكياج 24 ساعة!!
- أي من أعمالك الثلاثة تعتزين به ويشعرك بالنجاح؟
جميعها أعتز بها، ولكن أكثر واحد أشعر بأنه أشهرني وحقق لي المزيد من النجاح هو فيلم (أنا والآخر) والذي عرض في عدة مهرجانات.
- ما رأيك فيما قاله الفنان (حسن عسيري) بأن المخرجات الخليجيات بالونات في الهواء! مضيفاً أنه سمع وقرأ عنهن في الصحف والمجلات، أما أعمالهن فهي غير موجودة، وأنه إذا ما سألهن أحد عن تلك الأعمال التي يتحدثن عنها فسيقلن بأنها عرضت في أمريكا وهولندا.. إلخ.. إلخ!... وما رأيك أيضاً فيما أشار إليه بأن الوصول إلى العالمية وتحقيق النجاح يبدأ من المحلية؟
"(حسن عسيري) قال كذا؟؟.. الله يهديه بس!".. لماذا يقول هكذا وهو من ضمن الفنانين الذين اتصلوا بي لكي أتعاون معهم؟!!

- مع الأسف نجد أن الصورة الغالبة للمرأة السعودية في نظر أفراد المجتمع الغربي، صورة لامرأة مظلومة.. بائسة..مستسلمة للعادات والتقاليد.. ويائسة من حياتها! وعليه فمن المؤكد أنكِ أحدثت صدمة لكل من قابلك وعلم بأنك مخرجة ومنفتحة على العالم
فعلاً، أحدثت صدمة جميلة، فكل شخص أجنبي أقابله تتغير نظرته السلبية للمرأة السعودية وتتحول إلى نظرة احترام وتقدير، ومن هؤلاء أذكر ذلك الفرنسي الذي قال أنني غيرت كل تفكيره عن المرأة السعودية، وقال أنه لن يصدق بعد الآن تلك المشاهد الخاطئة التي يراها في الإعلام الغربي عن السعوديات.
- أخيراً، ما الذي تودين أن تقوليه لكل فتاة سعودية لديها طموح كبير وترغب في تحقيقه وإثبات ذاتها وقدراتها للعالم؟
أنصحها بأن تحاول الوصول إلى أهدافها وتعمل على تحقيق أحلامها مهما واجهت من الصعوبات، وأن تقابل الخوف بالتحدي.. كذلك أنصحها بأن تجتهد ولا تعير أذناً للانتقادات، لأننا مهما عملنا ومهما حققنا من نجاح لا بد وأن نتعرض للانتقادات.. ويجب أن تكون صبورة ومثابرة حتى تواصل نجاحها، ومن المهم أيضاً أن يشجعها أهلها ويقفون إلى جانبها دائماً.

نشر في: مجلة (شعبية) العدد السادس 2005